ما الذي يجعل الأسرة مترابطة؟
جربوا النصائح الآتية !
حياتنا اليوم دائماً مزدحمة ومشحونة، فالآباء يجرون يميناً يساراً لكي يأخذوا أطفالهم إلى المدارس، ثم يهرولون ليلحقوا بمواعيد عملهم، وبعد ذلك يعودون إلى البيت لتكملة بقية المهام والواجبات المطلوبة منهم من إعداد الطعام للمذاكرة مع الأبناء. الجدول اليومي المشحون يجعل من الصعب التواصل بطريقة جيدة أو قضاء وقت معاً. لكن مرة واحدة فى العام عندما يأتي شهر رمضان، تكون هذه فرصة لتغيير هذا النظام وإعادة التفكير فى أسلوب حياتنا. هي فرصة لأفراد الأسرة لكى يظهر كل منهم حبه للآخر، وقضاء وقت أكبر معاً، ومحاولة كل منا السيطرة على مشاعر الغضب لديه، وهى لا شك فرصة أيضاً للتواصل مع بقية أفراد العائلة، إما بدعوتهم على الإفطار أو زيارتهم، وفرصة أيضاً للآباء لكي يقتربوا أكثر من أطفالهم ويشاركوهم فى حياتهم لوجود متسع أكبر من الوقت.
الحب يجعل حياتنا أجمل، فلم لا نظهره؟
في الأسر القوية، يحب الأفراد بعضهم البعض بدون شروط. شعور الفرد بأنه محبوب يجعله يشعر بالثقة بالنفس، كما يدعم تقديره لذاته، وهذا يجعل الأسرة وحدة متكاملة وقوية. توضح شيرين خليل؛ الأخصائية النفسية قائلة: "كما يحتاج الأطفال للغذاء لينموا يحتاجون للحب ليزهروا. فهم يحتاجون إلى حب غير مشروط. فلا تقولي لطفلك: "إذا أكلت سأحبك." أو "لن أحبك إذا ضربت أخاك"، فهذا غير صحيح لأنك ستحبين طفلك في كل الأحوال وطفلك يحتاج لمعرفة ذلك لكي لا يشعر بأنه مهدد أو خائف لفقد حبك له."
من المهم أيضاً أن تعبري عن حبك لطفلك دائماً. تشير شيرين خليل إلى أن الأطفال لا يستطيعون التعبير تلقائياً عن مشاعرهم وإنما يتعلمون ذلك من مشاهدة أبويهم يفعلون ذلك. تقول شيرين خليل: "علمي أطفالك التعبير عن مشاعرهم بأن تكوني قدوة بالنسبة لهم، فهم يحتاجون لسماع ورؤية ما يدل على حبك لهم ويحتاجون أيضاً لمعرفة ذلك والشعور به." وتضيف شيرين قائلة: "يحتاج الآباء أيضاً للتعبير عن مشاعرهم تجاه بعضهم البعض أمام أطفالهم." فطبطبة الأب على كتف زوجته أمام أطفاله أو قبلة ترحيب من الأم للزوج يمكن أن يعلم الأطفال الكثير."
السيدة هدى فارس - 40 سنة، أم لسارة 21 سنة وليلى 17 سنة وأحمد 18 شهر - تحرص على أن يقبل ويحتضن أفراد الأسرة بعضهم البعض عند العودة إلى البيت سواء من المدرسة أو من العمل، فهي ترى هذا التقليد مهم للغاية لأنه أسلوب يؤكد مشاعر كل فرد في الأسرة تجاه الآخر. وتوضح هدى قائلة: "في كل مرة يعانق كل منا الآخر كأنما يقول له أحبك."
تعاملي مع الغضب بإيجابية:
شهر رمضان فرصة جيدة للتدريب على التحكم فى النفس، وتذكرا أنكما تمثلان القدوة بالنسبة لطفلكما فأنتما تحاولان تعليمه أن رمضان ليس فقط الإمساك عن الطعام والشراب. أحياناً ستشعرين أنت أو أي من أفراد أسرتك بالغضب، فتعلم كيفية التعامل مع الغضب بإيجابية يساعد على تجنب المصادمات الغير لازمة بين أفراد الأسرة، بينما قد يؤدى التعدي بالضرب أو حتى بالكلام إلى أضرار نفسية قد لا يصلح علاجها. عندما تغضبين قومي بالعد من واحد إلى عشرة قبل أن تتكلمي. أو انسحبي من الموقف نهائياً حتى تهدئي ثم عودي واشرحي مشاعرك.
تشرح شيرين خليل قائلة: "إن الصياح فى الأطفال نادراً ما يؤدى إلى نتيجة إيجابية. غالباً ما يفشل الأطفال في الفهم عند الصياح إما بسبب الخوف أو ببساطة بسبب عدم قدرة الآباء على استخدام الألفاظ المناسبة أثناء غضبهم فغالباً ما يغضبون لدرجة أنهم لا يستطيعون اختيار الألفاظ المناسبة لأعمار أبنائهم وينتهي الأمر بعدم فهم الطفل ما يعنيه الأب أو الأم الغاضبين. إذا كنت غاضبة من سلوك طفلك، وهو ما قد يحدث كثيراً، لا تظهري أى رد فعل وقولي لطفلك أنك غاضبة فى الوقت الحالي ولا تستطيعين الكلام. خذي وقت لكي تهدئي، وفكري، ثم تصرفي. بهذه الطريقة تكونين متأكدة بأنك تتصرفين بطريقة عادلة ومنطقية. توضح شيرين بأنك بهذه الطريقة تعلمين طفلك أيضاً كيف يستطيع التحكم فى غضبه.
اقضوا وقتاً مفيداً معاً:
تقول شيرين خليل: "إن الحياة هذه الأيام مشحونة. فساعات العمل الطويلة تحرم الأسرة من قضاء الوقت سوياً." لكن تؤكد شيرين أن جميع أفراد الأسرة يحتاجون لقضاء وقت مع بعضهم البعض، فحتى الوقت القليل يمكن أن يكون مفيداً إذا جعلتموه وقتاً ممتعاً وذا قيمة. توضح شيرين خليل قائلة: "ليس مهماً مقدار الوقت الذي تقضينه مع طفلك ولكن المهم هو قيمته." وتضيف: "لكن عدم قضاء وقت على الإطلاق مع طفلك أو قضاء ساعة كل شهر هو أيضاً لا يكفى."
كيف تصلين إلى أقصى قيمة لوقتك؟ تنصح شيرين قائلة : "احرصي على تخصيص وقت معين لطفلك حتى يستطيع طفلك الاعتماد عليه، وقوما بعمل أشياء تستمتعا بها سوياً، وهذا يختلف بالطبع على حسب سن طفلك.
أيضاً اسألي طفلك كيف قضى يومه المدرسي وحدثيه أنت أيضاً عن أيضا يومك."
اشركى الأب:
يحتاج الأطفال إلى الأبوين وليس لأمهات فقط. إن اشتراك الأب هام جداً لإعطائه المكانة التى يستحقها فى حياة أطفاله. عودت السيدة هدى فارس ابنتيها عندما كانتا صغيرتين أن تنتظرا والدهما ليتناولا الطعام معه قبل ذهابهما إلى الفراش للنوم. حسبما تقول السيدة هدى فارس أن بعض الناس كانوا يظنون أنها متشددة فى هذه العادات ولكنها تعتقد أن مجهوداتها قد أثمرت. فالآن بالرغم من أن ابنتيها قد كبرتا وأصبحت لهما حياتهما الخاصة فهما يواظبان على الجلوس مع والدهما مرة في اليوم على الأقل إن لم يكن لتناول الطعام فللجلوس والتحدث معه. تنوى السيدة هدى إتباع نفس القواعد مع ابنها الصغير أحمد.
تؤمن أيضاً السيدة عائشة محمود - 64 سنة وأم لهدى 40 سنة، رانية 38 سنة، عزة 36 سنة، ومحمود 30 سنة - بتحديد وقت خلال اليوم ليقضيه الأبناء مع أبيهم، وتقول: "كان والدهم يحرص على العودة إلى البيت قبل موعد نومهم بوقت كاف ليقضى بعض الوقت فى اللعب معهم. كنت أسمح لهم بترك المذاكرة لبعض الوقت كل يوم لقضاء بعض الوقت مع أبيهم لأننى أؤمن بأهمية ذلك."
إذا كان الأب يعمل لوقت متأخر ودائماً يعود للمنزل بعد نوم الأطفال، يمكنه المشاركة فى وقت آخر، على سبيل المثال يمكنه تناول الإفطار مع أطفاله كل صباح، أو اختيار يوم فى عطلة نهاية الأسبوع ليقضوه معاً.
حافظوا على صلتكم بباقي أفراد العائلة:
يستفيد الطفل عندما تستمر الصلة بينه وبين باقي أفراد عائلته: الأخوال، الأعمام، أبناء الأعمام أو أبناء الأخوال، وخاصة الجدود الذين يحبون أحفادهم حباً كبيراً. إن الاستمتاع بهذا الحب يعطى الأطفال إحساساً أكبر بتقدير الذات وشعوراً أكبر بالأمان، كما يساعد على تقوية بنيان الأسرة. من أفضل الأوقات المناسبة لاجتماع العائلة كلها هو شهر رمضان حيث يتناول أفراد الأسرة الإفطار سوياً.
مهما كان عمر أطفالك فيجب أن تبدئي في خلق صلة ورباط قوى بينهم وبين جميع أفراد الأسرة. تنصح السيدة هدى فارس قائلة: "يجب أن تبدئي مع طفلك في سن مبكرة." وتضيف أنك يجب أن تبذلي جهداً لتحققي التقارب المطلوب بين أفراد أسرتك لأن ذلك لا يحدث بالمصادفة.
تختم شيرين خليل حديثها قائلة: "إن الأسرة تكون أقوى وأكثر تقارباً إذا تمتعت بالآتي: تقبل كل فرد فيها للآخر، احترام الاختلافات، التواصل الجيد والصراحة، التعبير عن المشاعر بوضوح ودون عنف، الحب، الحرية، الثقة، إعطاء الوقت والجهد، والتصميم على نجاح هذا الهدف النبيل."