موضوع: مقتل عمّار بن ياسر رضي الله عنه وأثره على المسلمين: الأربعاء سبتمبر 16, 2009 4:19 pm
يعد حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمّار رضي الله عنه: تقتلك الفئة الباغية من الأحاديث الصحيحة والثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم. وقد كان لمقتل عمّار رضي الله عنه أثر في معركة صفين، فقد كان علماً لأصحاب رسول الله يتبعونه حيث سار وكان خزيمة بن ثابت حضر صفين وكان كافاً سلاحه، فلما رأى مقتل عمّار سل سيفه وقاتل أهل الشام، وذلك لأنه سمع حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في عمّار: تقتله الفئة الباغية ، واستمر في القتال حتى قتل ، وكان لمقتل عمّار أثر في معسكر معاوية، فهذا أبو عبد الرحمن السلمي دخل في معسكر أهل الشام، فرأى معاوية وعمرو بن العاص وابنه عبد الله بن عمرو، وأبو الأعور السلمي، عند شرعة الماء يسقونـ وكانت هي شربة الماء الوحيدة التي يستقي منها الفريقان، وكان حديثهم عن مقتل عمّار بن ياسر، إذ قال عبد الله بن عمرو لوالده: لقد قتلنا هذا الرجل وقد قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال، قال: وأي رجل؟ قال: عمّار بن ياسر.. قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم تقتله الفئة الباغية. فقال عمرو لمعاوية لقد قتلنا الرجل وقد قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال! فقال معاوية: اسكت فوالله ما تزال تدحض في بولك أنحن قتلناه؟ إنما قتله من جاء به ، فانتشر تأويل معاوية بين أهل الشام إنتشار النار في الهشيم، وجاء في رواية صحيحة أن عمرو بن حزم دخل على عمرو بن العاص فقال: قتل عمار وقد قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم: تقتله الفئة الباغية. فقام عمرو بن العاص فزعاً يرجع حتى دخل على معاوية، فقال له معاوية: ما شأنك؟ فقال: قتل عمار، فقال معاوية: قتل عمار فماذا؟ قال عمرو: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول له: تقتلك الفئة الباغية فقال له معاوية دحضت في بولك، أونحن قتلناه، إنما قتله علي وأصحابه، جاؤا به حتى ألقوه بين رماحنا، أو قال بين سيوفنا . وفي رواية صحيحة أيضاً: جاء رجلان عند معاوية يختصمان في رأس عمار يقول كل واحد منهما: أنه قتلته، فقال عبد الله بن عمرو بن العاص: ليطلب به أحدكما نفساً لصاحبه، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول" تقتله الفئة الباغية. قال معاوية: فما بالك معنا؟ قال: إن أبي شكاني إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أطع أباك ما دام حياً ولا تعصه. فأنا معكم ولست أقاتل . من الروايات السابقة نلاحظ أن الصحابي الفقيه عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما حريص على قول الحق، والنصح، فقد رأى أن معاوية وجنده، هم الفرقة الباغية لقتلهم عماراً، فقد تكرر منه هذا الاستنكار في مناسبات مختلفة، ولا شك أن مقتل عمار رضي الله عنه قد أثر في أهل الشام بسبب هذا الحديث، إلا أن معاوية رضي الله عنه أول الحديث تأويلاً غير مستساغ ولا يصح في أن الذين قتلوا عمار هم الذين جاءوا به إلى القتال ، وقد أثر مقتل عمار كذلك على عمرو بن العاص، بل كان استشهاد عمار دافعاً لعمرو بن العاص للسعي لإنهاء الحرب ، وقد قال رضي الله عنه: وددت أني مت قبل هذا اليوم بعشرين سنة ، وقد جاء في البخاري عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: كنا نحمل لبنة لبنة وعمّار لبنتين لبنتين، فرآه النبي صلى الله عليه وسلم، فينفض التراب عنه ويقول: ويح عمّار تقتله الفئة الباغية يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار. قال عمّار: أعوذ بالله من الفتن ، وقال ابن عبد البر: تواترت الآثار عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: تقتل عمار الفئة الباغية، وهذا من إخباره بالغيب وأعلام نبوته صلى الله عليه وسلم، وهو من أصح الأحاديث ، وقال الذهبي بعد ما ذكر الحديث: وفي الباب عن عدة من الصحابة، فهو متواتر . * ـ فهم العلماء للحديث: أ ـ قال ابن حجر : وفي هذا الحديث علم من أعلام النبوة، وفضيلة ظاهرة لعلي وعمار، وردُّ على النواصب الزاعمين أن علياً لم يكن مصيباً في حروبه ، وقال أيضاً: دل الحديث: تقتل عماراً الفئة الباغية، على أن علياً كان المصيب في تلك الحروب، لأن أصحاب معاوية قتلوه . ب ـ يقول النووي: وكانت الصحابة يوم صفين يتبعونه حيث توجه لعلمهم بأنه مع الفئة العادلة لهذا الحديث . ت ـ قال ابن كثير: كان علي وأصحابه أدنى الطائفتين إلى الحق من أصحاب معاوية، وأصحاب معاوية كانوا باغين عليهم، كما ثبت في صحيح مسلم من حديث شعبة عن أبي سلمة عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري، قال: حدثني من هو خير مني ـ يعني أبا قتادة ـ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعمار: تقتلك الفئة الباغية . وقال أيضاً: وهذا مقتل عمار بن ياسر رضي الله عنهما مع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، قتله أهل الشام، وبان وظهر بذلك سر ما أخبر به الرسول صلى الله عليه وسلم من أن تقتله الفئة الباغية، وبان بذلك أن علياً محق، وأن معاوية باغ، وما في ذلك من دلائ النبوة . ث ـ وقال الذهبي: هم طائفة من المؤمنين، بغت على الإمام علي، وذلك بنص قول المصطفى صلوات الله عليه لعمار: تقتلك الفئة الباغية . جـ ـ قال القاضي أبو بكر بن العربي في قوله تعالى: ((وَإِنْ طَائِفَتَانِ )) (الحجرات ، الآية : 9)، هذه الآية أصل في قتال المسلمين، والعمدة في حرب المتأولين، وعليها عوّل الصحابة، وإليها لجأ الأعيان من هذه الملة، وإياها عنى النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: تقل عمار الفئة الباغية . ح ـ وقال ابن تيمية: وهذا يدل على صحة إمامة علي ووجوب طاعته، وأن الداعي إلى طاعته داع إلى الجنة، والداعي إلى مقاتلته داعٍ إلى النار ـ وإن كان متأولاً ـ وهو دليل على أنه لم يكن يجوز قال علي، وعلي هذا فمقاتله مخطئ ـ وإن كان متأولاً ـ أو باغ ـ بلا تأويل ـ وهو أصح القولين لأصحابنا، وهو الحكم بتخطئة من قاتل علياً، وهو مذهب الأئمة الفقهاء الذين فرعوا على لذك قتال البغاة المتأولين . وقال أيضاً: مع أن علياً أولى بالحق ممن فارقه، ومع أن عمار قتلته الفئة الباغيةـ كما جاءت به النصوص ـ فعلينا أن نؤمن بكل ما جاء من عند الله ونقر بالحق كله، ولا يكون لنا هوى، ولا نتكلم بغير علم، بل نسلك سبل العلم والعدل، وذلك هو اتباع الكتاب والسنة، فأما من تمسك ببعض الحق دون بعض، فهذا منشأ الفرقة والاختلاف . س ـ وقال عبد العزيز بن باز: وقال صلى الله عليه وسلم في حديث عمار: تقتل عمار الفئة الباغية: فقتله معاوية وأصحابه في وقعة صفين، فمعاوية وأصحابه بغاة، لكن مجتهدون ظنوا أنهم مصيبون في المطالبة بدم عثمان . و ـ وقال سعيد حوى: بعد أن قتل عمار الذي وردت النصوص مبينة أنه تقتله الفئة الباغية، تبين للمترددين أن علياً كان على حق وأن القتال معه كان واجباً ولذا عبّر ابن عمر عن تخلُّفه بأنه يأس بسبب هذا التخلف، وما ذلك إلا أنه ترك واجباً وهو نصرة الإمام الحق على الخارجين عليه بغير حق كما أفتى بذلك الفقهاء * ـ الرد على قول معاوية رضي الله عنه: إنما قتله من جاء به : إن جل الصحابة والتابعين قد فهموا من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمار: تقتلك الفئة الباغية ، إن المقصود جيش معاوية رضي الله عنه، مع أنهم معذورون في اجتهادهم فهم يقصدون الحق ويريدونه، ولكنهم لم يصيبوه، وفئة علي أولى بالحق منهم كما قال صلى الله عليه وسلم ، ومع أن الأئمة لم يعجبهم تأويل معاوية ـ كما سأنقل ـ إلا أنهم عذروه في إجتهاده، فهاهو ابن حجر يقول في قوله صلى الله عليه وسلم: يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار . فإن قيل: كان قتله بصفين وهو مع علي، والذين قتلوه مع معاوية، وكان معه جماعة من الصحابة، فكيف يجوز عليهم الدعاء إلى النار؟ فالجواب: أنهم كانوا ظانين أنهم يدعون إلى الجنة، وهم مجتهدون لا لوم عليهم في إتباع طنونهم، فالمراد بالدعاء إلى الجنة الدعاء إلى سببها، وهو طاعة الإمام وكذلك معذورون للتأويل الذي ظهر لهم . وقال القرطبي: وقال الإمام أبو المعالي في كتاب الإرشاد، فصل: علي رضي الله عنه، كان إماماً حقاً في توليته، ومقاتلوه بغاة، وحسن الظن بهم يقتضي أن يظن بهم قصد الخير وإن أخطأوه ، وقال أيضاً: وقد أجاب علي رضي الله عنه عن قول معاوية بأن قال: فرسول الله صلى الله عليه وسلم إذن قتل حمزة حين أخرجه، وهذا من علي رضي الله عنه إلزام، لا جواب عنه، وحجة لا اعتراض عليها قاله الإمام الحافظ أبو الخطاب ابن دحية ، وقال ابن كثير: فقول معاوية: إنما قتله من قدمه إلى سيوفنا، تأويل بعيد جداً، إذ لو كان كذلك لكان أمير الجيش هو القاتل للذين يقتلون في سبيل الله، حيث قدمهم إلى سيوف الأعداء ، وقال ابن تيمية: وهذا القول لا أعلم له قائلاً من اصحاب الأئمة الأربعة ونحوهم من أهل السنة، ولكن هو قول كثير من المروانية ومن وافقهم ، وقال ابن القيم معلقاً على هذا التأويل: نعم التأويل الباطل تأويل أهل الشام قوله صلى الله عليه وسلم لعمار: تقتلك الفئة الباغية ، فقالوا: نحن لم نقتله إنما قتله من جاء به حتى أوقعه بين رماحنا، فهذا هو التأويل الباطل المخالف لحقيقة اللفظ وظاهره، فإن الذي قتله هو الذي قتله، لا من استنصر به . من هو قاتل عمّار بن ياسر؟ قال أبو الغادية الجهني وهو يحدث عن قتله لعمار: فلما كان يوم صفين، أقبل يستن أول الكتيبة رَجِلاً، حتى إذا كان بين الصفين فأبصر رجلٌ عورة، فطعنه في ركبته بالرمح فعثر، فانكشف المغفر عنه، فضربته فإذا هو رأس عمار. ثم قتل عماراً، واستسقى أبو غادية/ فأتي بماء في زجاج، فأبى أن يشرب فيها، فأتى بماء في قدح فشرب، فقال رجل:... يتورع عن الشرب في الزجاج ولم يتورع عن قتل عمار ، ويخبر عمرو بن العاص رضي الله عنه الخبر فيقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: قاتل عمار وسالبه في النار . قال ابن كثير ومعلوم أن عماراً كان في جيش علي يوم صفين، وقتله أصحاب معاوية من أهل الشام، وكان الذي تولى قتله يقال له أبو الغادية، رجل من أفناد الناس، وقيل إنه صحابي ، وقال ابن حجر: والظن بالصحابة في تلك الحروب أنهم كانوا متأولين للمجتهد المخطيء أجر، وإذا ثبت هذا في حق آحاد الناس فثبوته للصحابة بالطريق الأولى ، وقال الذهبي: وابن ملجم عند الروافض أشقى الخلق في الآخرة، وهو عندنا أهل السنة ممن نرجو له النار، ونجوّز أن الله يتجاوز عنه، لا كما يقول الخوارج والروافض، وحكمه حكم قاتل عثمان، وقاتل الزبير، وقاتل طلحة، وقاتل سعيد بن جبير، وقاتل عمار وقاتل خارجة، وقاتل الحسين، فكل هؤلاء نبرأ منهم ونبغضهم في الله، ونكل أمورهم إلى الله عز وجل ، وقد وفق الألباني في تعليقه على قول ابن حجر: هذا حق، لكن تطبيقه على كل فرد من أفرادهم مشكل، لأنه يلزم تناقض القاعدة المذكورة بمثل حديث الترجمة، أي (قاتل عمار وسالبه في النار) ، إذ لا يمكن القول بأن أبا غادية القاتل لعمار مأجور، لأنه قتله مجتهداً، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: قاتل عمار في النار ، فالصواب أن يقال: إن القاعدة صحيحة، إلا ما دل الدليل القاطع على خلافها، فيستثنى ذلك منها كما هو الشأن هنا، وهذا خير من ضرب الحديث الصحيح بها . وقد ترجم لأبي الغادية الجهني ابن عبد البر فقال: اختلف في اسمه، فقيل: يسار بن سًبُع وقيل يسار بن أزهر، وقيل إن اسمه مسلم. سكن الشام ونزل في واسط، يعدُّ في الشاميين أدرك النبي صلى الله عليه وسلم وهو غلام، رُوي عنه أنّه قال: أدركت النبي صلى الله عليه وسلم وأنا أيفع، أرد على أهلي الغنم، وله سماع من النبي صلى الله عليه وسلم قوله صلى الله عليه وسلم: لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض ، وكان محباً لعثمان، وهو قاتل عمار بن ياسر، وكان يصف قتله إذا سئل عنه لا يباليه وفي قصته عجبٌ عند أهل العلم .
__________________
kim sam soon
نائبة المدير
كيف تعرفت علي الموقع : دعوة من مجانينو المزاج : عدد المساهمات : 3081المهنة : نقاط : 10212السمعة : 213تاريخ التسجيل : 28/08/2009العمر : 37
موضوع: رد: مقتل عمّار بن ياسر رضي الله عنه وأثره على المسلمين: السبت سبتمبر 19, 2009 10:54 am
الف شكر على الطرح الراااائع
تسلم الايادي على الطرح الرااائع
kim sam soon
نائبة المدير
كيف تعرفت علي الموقع : دعوة من مجانينو المزاج : عدد المساهمات : 3081المهنة : نقاط : 10212السمعة : 213تاريخ التسجيل : 28/08/2009العمر : 37
موضوع: رد: مقتل عمّار بن ياسر رضي الله عنه وأثره على المسلمين: السبت سبتمبر 19, 2009 10:54 am