كان بيعة الحسن بن علي بن ابي طالب (رضي الله عنه) في شهر رمضان عام 40 هـ بعد استشهاد امير المؤمنين علي ابن ابي طالب (رضي الله عنه ) على يد الخارجي عبد الرحمن بن ملجم ، وقد اختير اختياراً شورياً وأصبح الخليفة الشرعي على الحجاز والعراق واليمن وخراسان وكل الاماكن التي كانت خاضعة لوالده ، وقد استمرت خلافته 6 أشهر وتلك المدة تدخل ضمن الخلافة الراشدة التي أخبر عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن مدتها ثلاثون سنة ثم تكون ملكاً ، فقد روى الترمذي بأسناده الى رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال ( الخلافة في أمتي ثلاثون سنة ثم ملك بعد ذلك ) ، وقد علق ابن كثير على هذا الحديث فقال : انما اكملت الثلاثون بخلافة الحسن بن علي ، فأنه نزل عن الخلافة لمعاوية في ربيع الاول من سنة 41هـ وذلك كمال ثلاثين سنة من موت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنه توفي في ربيع الاول سنة 11 هـ وهذا من دلائل النبوة صلوات الله وسلامه عليه وسلم تسليماً وبهذا يكون الحسن بن علي خامس الخلفاء الراشدين وقد تحدث عن شرعية خلافة الحسن بن علي الكثير من علماء اهل السنة منهم ابن كثير والقاضي عياض والمناوي وشارح الطحاوية وابن الحجر الهيثمي وابو بكر بن العربي ولو اراد الحسن ان يتعب معاوية بحكم ان الشرعية معه لأمكن ذلك ، ولقام بترتيب حملة اعلامية منظمة في اوساط اهل الشام ، لكسب ثقتهم او على الاقل زعزعة موقف معاوية بينهم ، فقد كان يملك قوة معنوية ونفوذ روحي لا يستهان به بحكم الشـرعية التي يستند اليها ، اضافة الى كونه حفيد الرسول صلى الله عليه وسلم .
لقد كان الحسن رضي الله عنه له قدرات خاصة في التعامل مع اهل العراق ومعرفة نفوسهم ولذلك زاد لهم في العطاء منذ تسلمه الخلافة ، كما ان مهمته التي قادها في نجاح مشروعه الاصلاحي كانت اصعب من حربه مع معاوية ، ومع ذلك فقد تغلب على كثير من المصاعب التي واجهته ، فقد تعرض لمحاولة اغتيال ورفض بعض الناس الصلح مع معاوية ، الا انه تغلب عليها واستطاع حقن دماء المسلمين وتوحيد الامة تحت قيادة واحدة وعادت الفتوحات الى ماكانت عليه ايام الصديق والفاروق رضي الله عنهما .
ان اهم الاسباب التي دفعت الحسن بن علي رضي الله عنه للصلح مع معاوية بن ابي سفيان رضي الله عنه هي :
1. دعوة الرسول صلى لله عليه وسلم له بأن يصلح الله به بين فئتين عظيمتين من المسلمين فتلك الدعوة المباركة هي التي دفعت الحسن رضي الله عنه الى الاقدام على الصلح بكل ثقة . فقد روى البخاري عن ابي بكرة رضي الله عنه قال : رايت النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر والحسن بن علي على جنبه وهو يقبل على الناس مرة وعليه مرة اخرى ويقول ( ان ابني هذا سيد ، ولعل الله ان يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين ) .
2. حقن دماء المسلمين .
3. الحرص على وحدة الامة .
4. مقتل امير المؤمنين علي ابن ابي طالب رضي الله عنه الذي اثر على نفسية الحسن رضي الله عنه فترك فيها حزناً شديداً فقد قتل هذا الامام العظيم دون وجه حق ولم يرع الخوارج سابقته في الاسلام ولأفضاله العظيمة وخدماته الجليلة .
5. اضطراب جيش العراق واهل الكوفة
6. قوة جيش معاوية فقد كان معاوية رضي الله عنه يعمل بشتى الوسائل سراً وعلانية على اضعاف جانب اهل العراق منذ عهد علي ابن ابي طالب رضي الله عنه .
واشترط الحسن بن علي رضي الله عنه على معاوية بن ابي سفيان رضي الله عنه على العمل بكتاب الله وسنه نبيه وسيرة الخلفاء ويتضمن اتفاق الصلح بين الجانبين ان الناس كلهم آمنون لا يؤخذ منهم احد منهم بهفوة او أحنه ، وتم الاتفاق على عدم مطالبة أحد بشيء كان في ايام علي ، وهذه قاعدة بالغة الاهمية تحاول دون الالتفـاف الى الماضي وتركز على فتح صفحة جديدة تركز على الحاضر والمستقبل .
وفي عام 41 هـ بويع معاوية بن ابي سفيان أميراً للمؤمنين وسمي هذا العام بعام الجماعة .
وفي مبايعة الحسن بن علي لمعاوية بن ابي سفيان رضي الله عنهما درس بليغ وفهم عميق لآيات النهي عن الاختلاف فقد نهى الله سبحانه وتعالى هذه الامة عما وقعت فيه الامم السابقة من الاختلاف والتفرق فقال سبحانه ( ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات واولئك لهم عذاب عظيم ) (آل عمران :105) وقد امر الله تعالى بالاعتصام بحبله ، قال تعالى ( واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا ) ( آل عمران : 103