النوم نعمة إلهية لم يُعرف بعد قدرها ولم تكتشف بعد أسرارها كاملة، إلا أن الأبحاث في السنوات الماضية بدأت تركز على بعض الثوابت العلمية المتعلقة بالنوم.
في البلاد المتقدمة يقل متوسط ساعات النوم يومًا بعد يوم؛ فهي 7.5 ساعات يوميًّا مقارنة بـ 9 ساعات في عام 1910، وهذا في الواقع يقلق العلماء الذين ينادون بأن على البشرية أن تعرف قيمة النوم أكثر من ذي قبل، إلا أنهم أيضًا يؤكدون أنه يمكن تعود قلة ساعات النوم بإيجاد كيفية صحيحة له.
ولقد أظهر استقصاء تم في مارس 1995 أن 12% يجدون صعوبة في النوم يوميًّا، وأن نصف البالغين الأمريكيين عندهم قلق في النوم ليلة واحدة على الأقل أسبوعيًّا، بل إن 27% يتناولون عقاقير مساعدة للنوم، و37% شعروا بأن عدم صحة نومهم يؤثر على نشاطهم اليومي.
يتحكم في النوم حزمة من الأعصاب تغوص عميقًا في الدماغ Circadian Timing System وهي تنظم إفراز مادة كيمائية باعثة للنوم تسمى الملاتونين Melatonin (هرمون النوم)، وهي التي تضبط وقت النوم ووقت الاستيقاظ لكل منا، ولقد أجمع علماء سويسريون أن عند كل فرد ساعة حيوية Biological Clock إذا استيقظ الإنسان قبلها لم يكن نومه متكاملا كما أثبتت الأبحاث التي قامت على مجموعة من طلبة المدارس أن هرمون النوم يستمر في الإفراز حتى أثناء اليوم المدرسي، وأن ربع قائدي السيارات يذهبون في النوم على عجلات القيادة سنويًّا.
دورة النوم 90 دقيقة:
تمر دورة النوم بمرحلتين أساسيتين:
* المرحلة الأولى: تسمى بحركة العين البطيئة (Non Rapid Eye Movement)وهي تنقسم إلى ثلاثة أطوار: الطور الأول يسمى النوم الانتقالي Transitional والثاني هو النوم الخفيف Light sleep
وفي هذين الطورين يسترخي الجسم تمامًا وتغلق حواس الجسم، ويكون نشاط الدماغ بطيئًا ومنتظمًا، ثم يغوص المرء في نوم أكثر راحة، وهي أفيد مرحلة للنائم؛ حيث تفرز الهرمونات وتبنى الخلايا البالية وتجدد خلايا الدم الحمراء (delta sleep * *
المرحلة الثانية: بعد70 إلى 90 دقيقة من النوم تأتي مرحلة حركة العين السريعة (Rapid Eye Mov.) حيث تزيد ضربات القلب، وترتعش الأصابع والأنامل وتزيد سرعة تنفس النائم ونشاط دماغه.وفي خلال هذه المرحلة تجول العين للأمام والخلف تحت جفن العين، يفرز الدماغ مواد كيمائية في مراكز الشعور وتخزن أحداث اليوم؛ ولذلك تكون الأحلام في هذه المرحلة.
بدون نوم كافٍ، تضطرب مرحلتا delta وrem فيكون المزاج معكرًا ويشعر الشخص بضغط عصبي واكتئاب، كما تضطرب الذاكرة والحكم على الأشياء وربما يؤدي الطالب برداءة في الامتحانات خاصة الحسابية كما أثبت العلماء من جامعة شيكاغو وجامعة مستشفى برادلي بالولايات المتحدة.
الجسم السليم في النوم السليم لماذا؟
- في جامعة شيكاغو أثبت أن الأرق المزمن يقلل قدرة البالغين على تأدية الوظائف الحيوية الأساسية مثل تخزين النشويات، وعمليات الدماغ، بل يؤثر على نظام إفراز الهرمونات،
فقد تركوا المتطوعين ليناموا ثماني ساعات عدة أيام ثم 4 ساعات عدة أيام أخر، أدى ذلك إلى قلة تحمل الجلوكوز في الدم واضطرابات في وظائف الغدد الصماء التي تؤدي إلى أعراض مشابهة لأمراض الشيخوخة أو المراحل الأولى لمرض السكر؛
فلقد قلّت قدرة هؤلاء على إفراز الأنسولين بنسبة 30% وأخذوا 40% وقتًا أطول لتنظيم معدل السكر في الدم بعد وجبة دسمة من النشويات، كما لوحظ عليهم حالات توتر وتعكر مزاجي، وهذه علامة أخرى من علامات الشيخوخة، وهذا يوضح ما يقوله العلماء عن أن الأرق له علاقة بأعراض تقدم السن مثل السكر واضطرابات ضغط الدم التي تؤدي إلى الأزمات القلبية.
- من الهرمونات الأساسية التي تتأثر بالنوم غير الصحي هرمون الكورتيزول Cortisol ويعرف بهرمون الضغط العصبي،
حيث من المفترض في الصورة الطبيعية أن يقل معدل هذا الهرمون حين الاستعداد للنوم، ويزداد عند الاستيقاظ ليساعد على النشاط والحركة، ولكن في النوم غير الصحي يرتفع الكورتيزول في الليلة التالية، وتفرز الغدة الكظرية هذا الهرمون بسهولة عند التعرض لأي ضغط أثناء النهار،
وزيادة هرمون الكورتيزول لوقت طويل يمكن أن يؤدي إلى تحطم الخلايا الدماغية، وضمور في مناطق الدماغ الخاصة بالتعلم والذاكرة،
كما ثبت ذلك بعد الأبحاث التي أجريت على الحيوانات. كما يؤثر الأرق على هرمونات بناء العضلات وهرمون النمو ويقلل الأجهزة المناعية للجسم، بل إن الناس الذين يأخذون وقتًا أطول في النوم عندهم نقص في الخلايا القاتلة وهي العنصر الهام في الجهاز المناعي الخاص بقتل الفيروسات والخلايا السرطانية، كما أثبتت أبحاث جامعة بتسبرج
- الجسم -وخاصة الدماغ- يعمل في فترات النوم على تصنيع جزيئات الطاقة المسماة Adenosine Triphosphate حتى يقوم الجسم بتحريك جميع أنشطته من أول تحريك العضلات إلى الذاكرة.
- توصلت مجموعة من العلماء البلغار من جامعة ليج إلى أن الدماغ يستمر في بث المعلومات حتى أثناء النوم، وأن نشاطه في التعلم مشابه جدًّا مع قدرة التعلم أثناء الاستيقاظ في مرحلة (REM).
- هناك 66% من النساء يعانين من الأرق،بينما 50% فقط من الرجال يعانون؛ ففي بداية الدورة الشهرية للنساء يقل هرمون البروجستيرون الذي يبعث على النوم، بعدما كان مرتفعًا في وقت التبويض في منتصف الشهر مما يسبب اضطرابات في نوم المرأة.وفي الحمل أيضًا يرتفع معدل الهرمون في أثناء النهار مسببًا إحساسًا دائمًا بالنوم ومن ثم اضطرابات في النوم بالليل.
روشتة للنوم السليم:
- تجنب المنبهات قبل النوم كالقهوة والشاي والرياضة والنيكوتين.
- حاول أن تثبت ميعادًا للنوم.
- لا تنم عصرًا.
- اضبط الحرارة بحيث تكون حرارة جسمك أكبر من درجة حرارة الغرفة؛ حيث يساعد تدفئه الأطراف على سريان الدم وبالتالي إفراز هرمون النوم "الملاتونين".
- نم على الظهر أو الجنب وتجنب النوم على البطن.
- أخفت الأنوار لأن النور الممتص من العين قد يوقظ الساعة الحيوية للإنسان Biological Clock.
- لا تنم حتى الظهيرة؛ لأن ذلك أيضًا من شأنه اضطراب هذه الساعة.
- وقد عرفت بعضًا من أسرار النوم، حاول أن تجعله صحيًّا.