أعجبتني جدا هذه القصة التاريخية التي قرأتها في إحدى المواقع (لا أذكره حاليا) ولذلك فقد حفظتها لدي في مستنداتي وأقرأها بين الحين والآخر , وأحببت أن تشاركوني قراءتها , مع تعليقكم عليها .
********************
أغار الأسطول البيزنطي على جزيرة صقليّة - وكانت ولاية عربية- فنهب جنوده الأموال وأشعلوا النيران في القرى ثم عادوا إلى أسطولهم ومعهم ما يقرب من ألف أسير.
بعث والي صقلية برسالة عاجلة إلى عاصمة بلاده (القيروان) طلب فيها جيشاً كبيراً ومئة سفينة حربية لكي يرد ضربة البيزنطيين.. فأجابه أمير القيروان برسالة يقول فيها إن الدولة مشغولة في اضطرابات داخلية وعليه أن يعتمد على قوته الذاتية.
تملكت الحيرة والي صقلية وهجر النوم عينيه... فقواته القليلة موزعة على أطراف الجزيرة الواسعة ولا يستطيع أن يسحب جزءاً منها لمناطحة دولة ضخمة بحجم الإمبراطورية البيزنطية.. ثم أين هو الأسطول الذي يحمل الجنود الذين يقومون بهذه المهمة؟
كل الدلائل تشير إلى أنه أعجز من أن يرد الضربة وما عليه إلا أن يبتلع الإهانة ويلوذ بالصمت الحكيم.
يقول أحد المفكرين: إن الأمم حينما تكون فتيَّة تكثر فيها العقول المبتكرة» فقد تجمع حوالي ثلاثمائة شاب واستأذنوا والي جزيرتهم في أن يقوموا -على مسؤوليتهم الخاصة- بمغامرة تحفظ للأمة ماء وجهها ولن تكلفه شيئاً. ومع أنه لم يقتنع بما عرضوه إلا أنه أذن لهم.
هبطوا في بضع سفن صغيرة الحجم، يظن من يراها أنها لمجموعة من صغار التجار الذين يجوبون البحر الأبيض يتبادلون السلع مع موانئه.
ذات صباح باكر فوجئ الذين استيقظوا مبكرين من سكان مدينة روما ببضعة طوابير من الشباب تجوب شوارع المدينة... أحذيتهم لها إيقاع منتظم في أرضية الشوارع المبلّطة بحجارة مصقولة، جميعهم سُمر الوجوه، عُراة الأجساد إلا من السراويل (وواضح أن الجوّ كان حاراً) ليس معهم ما يدل على أنهم جيش محارب سوى السيوف، وقبل أن تنتشر الشمس، كانوا قد وزعوا أنفسهم فسيطروا على الحصون المتحكمة في المدينة بعد أن أسروا الحراس -الذين كانوا نياماً ولم يفهموا ما حدث إلا بعد يومين! - واستولوا على الأبواب ولم يعد أحد يستطيع الخروج أو الدخول أو البيع أو الشراء أو الحركة داخل المدينة إلا بإذنهم!
أصاب الهلع السكان فقبعوا في بيوتهم، وطارت الأخبار إلى عاصمة الإمبراطورية «القسطنطينية» وأيقظ الوزراء القيصر من نومه فجلس على سريره يسمع غير مصدّق، ووافق على ما قاله وزراؤه وقادة جيشه من أن العرب لا يجرؤون على احتلال روما إلا إذا كانوا على ثقة من الاحتفاظ بها.. وبالتالي فإن استعادة عاصمة الرومان القديمة تحتاج إلى جيش من مئة ألف مقاتل تدعمه آلات الحصار من منجنيقات وخلافه فضلاً عن أسطول لا يقل عن مئة سفينة ومن ثم فإن الأمر يحتاج إلى ثلاثة شهور من الاستعدادات!
قضى الشباب العربي المغامر أسبوعين يحكمون مدينة روما دون أن يتعرض لهم أحد.. وعثروا على الأسرى العرب الألف الذين اختطفهم الأسطول البيزنطي يعملون في بناء جزء متهدّم من السور.. ففكوا وثاقهم وضموهم إليهم فتضاعف عددهم أكثر من مرة وأحكموا سيطرتهم على المدينة.
وفي ليلة شديدة الظلمة، ودون أن يتنبه أحد، هبطوا إلى سفنهم المتواضعة ودخلوا في خليج البنادقة (أهل البندقية) (بحر الأدرياتيك) وتواروا عن الأنظار... معهم بضع مئات من الجنود الأسرى، وبضعة صناديق مكدسة بالذهب تركها والي روما في قصر الحكم بعد فراره.
وظلت روما لبضعة أيام تترقب حركتهم ظناً منهم أنهم يتوارون داخل حصون المدينة لأمر ما يدبّرونه، ولم تعرف برحليهم إلا بعد أن كانت سفنهم الصغيرة ترسو على شاطئ جزيرتهم العربية.. صقلية!