كيف تعرفت علي الموقع : من خلال صديقالمزاج : عدد المساهمات : 861المهنة : نقاط : 6734السمعة : 48تاريخ التسجيل : 03/10/2009العمر : 30 المواضيع المميزة للعضو :
مكتبة أفلام الساموراي
موضوع: قصة سيدنا سليمان عليه السلام (كاملة). الجمعة سبتمبر 17, 2010 6:05 pm
نبذة:
آتاه الله العلم والحكمة وعلمه منطق الطير والحيوانات وسخر له الرياحوالجن، وكان له قصة مع الهدهد حيث أخبره أن هناك مملكة باليمن يعبد أهلهاالشمس من دون الله فبعث سليمان إلى ملكة سبأ يطلب منها الإيمان ولكنهاأرسلت له الهدايا فطلب من الجن أن يأتوا بعرشها فلما جاءت ووجدت عرشهاآمنت بالله.
(وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ) ورثه في النبوة والملك.. ليس المقصودوراثته في المال، لأن الأنبياء لا يورثون. إنما تكون أموالهم صدقة منبعدهم للفقراء والمحتاجين، لا يخصون بها أقربائهم. قال محمد بن عبد اللهصلى الله عليه وسلم: "نحن معشر الأنبياء لا نورث".
ملك سليمان:
لقد آتى الله سليمان –عليه السلام- ملكا عظيما، لم يؤته أحدا منقبله، ولن يعطه لأحد من بعده إلى يوم القيامة. فقد استجاب الله تعالىلدعوة سليمان (رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَّا يَنبَغِيلِأَحَدٍ مِّنْ بَعْدِي). لنتحدث الآن عن بعض الأمور التي سخرها اللهلنبيه سليمان عليه السلام. لقد سخر له أمرا لم يسخره لأحد من قبله ولابعده.. سخر الله له "الجن". فكان لديه –عليه السلام- القدرة على حبسالجن الذين لا يطيعون أمره، وتقييدهم بالسلاسل وتعذيبهم. ومن يعص سليمانيعذبه الله تعالى. لذلك كانوا يستجيبون لأوامره، فيبنون له القصور،والتماثيل –التي كانت مباحة في شرعهم- والأواني والقدور الضخمة جدا،فلا يمكن تحريكها من ضخامتها. وكانت تغوص له في أعماق البحار وتستخرجاللؤلؤ والمرجان والياقوت..
وسخر الله لسليمان –عليه السلام- الريح فكانت تجري بأمره. لذلك كانيستخدمها سليمان في الحرب. فكان لديه بساطا خشبيا ضخم جدا، وكان يأمرالجيش بأن يركب على هذا الخشب، ويأمر الريح بأن ترفع البساط وتنقلهمللمكان المطلوب. فكان يصل في سرعة خارقة.
ومن نعم الله عليه، إسالة النحاس له. مثلما أنعم على والده داود بأن ألانله الحديد وعلمه كيف يصهره.. وقد استفاد سليمان من النحاس المذاب فائدةعظيمة في الحرب والسلم.
ونختم هذه النعم بجيش سليمان عليه السلام. كان جيشه مكون من: البشر، والجن، والطيور. فكان يعرف لغتها.
سليمان والخيل:
بعد عرض أنعم الله عليه، لنبدأ بقصته عليه السلام. وبعض أحداثها.
كان سليمان –عليه السلام- يحب الخيل كثيرا، خصوصا ما يسمى(بالصافنات)، وهي من أجود أنواع الخيول وأسرعها. وفي يوم من الأيام، بدأاستعراض هذه الخيول أمام سليمان عصرا، وتذكر بعد الروايات أن عددها كانأكثر من عشرين ألف جواد، فأخذ ينظر إليها ويتأمل فيها، فطال الاستعراض،فشغله عن ورده اليومي في ذكر الله تعالى، حتى غابت الشمس، فانتبه، وأنبنفسه لأن حبه لهذه الخيول شغله عن ذكر ربه حتى غابت الشمس، فأمر بإرجاعالخيول له (فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ). وجاءت هناروايتان كلاهما قوي. رواية تقول أنه أخذ السيف وبدأ بضربها على رقابهاوأرجلها، حتى لا ينشغل بها عن ذكر الله. ورواية أخرى تقول أنه كان يمسحعليها ويستغفر الله عز وجل، فكان يمسحها ليرى السقيم منها من الصحيح لأنهكان يعدّها للجهاد في سبيل الله.
ابتلاء سليمان:
ورغم كل هذه النعم العظيمة والمنح الخاصة، فقد فتن الله تعالى سليمان..اختبره وامتحنه، والفتنة امتحان دائم، وكلما كان العبد عظيما كان امتحانهعظيما.
اختلف المفسرون في فتنة سليمان عليه السلام. ولعل أشهر رواية عن هذهالفتنة هي نفسها أكذب رواية.. قيل إن سليمان عزم على الطواف على نسائهالسبعمائة في ليلة واحدة، وممارسة الحب معهن حتى تلد كل امرأة منهن ولدايجاهد في سبيل الله، ولم يقل سليمان إن شاء الله، فطاف على نسائه فلم تلدمنهن غير امرأة واحدة.. ولدت طفلا مشوها ألقوه على كرسيه.. والقصة مختلقةمن بدايتها لنهايتها، وهي من الإسرائيليات الخرافية.
وحقيقة هذه الفتنة ما ذكره الفخر الرازي. قال: إن سليمان ابتلي بمرض شديدحار فيه الطب. مرض سليمان مرضا شديدا حار فيه أطباء الإنس والجن.. وأحضرتله الطيور أعشابا طبية من أطراف الأرض فلم يشف، وكل يوم كان المرض يزيدعليه حتى أصبح سليمان إذا جلس على كرسيه كأنه جسد بلا روح.. كأنه ميت منكثرة الإعياء والمرض.. واستمر هذا المرض فترة كان سليمان فيها لا يتوقف عنذكر الله وطلب الشفاء منه واستغفاره وحبه.. وانتهى امتحان الله تعالىلعبده سليمان، وشفي سليمان.. عادت إليه صحته بعد أن عرف أن كل مجده وكلملكه وكل عظمته لا تستطيع أن تحمل إليه الشفاء إلا إذا أراد الله سبحانه..هذا هو الرأي الذي نرتاح إليه، ونراه لائقا بعصمة نبي حكيم وكريم كسليمان..
ويذكر لنا القرآن الكريم مواقف عدة، تتجلى لنا فيها حكمة سليمان–عليه السلام- ومقدرته الفائقة على استنتاج الحكم الصحيح في القضاياالمعروضه عليه. ومن هذه القصص ما حدث في زمن داود –عليه السلام- قالتعالى:
جلس داود كعادته يوما يحكم بين الناس في مشكلاتهم.. وجاءه رجل صاحب حقل ومعه رجل آخر..
وقال له صاحب الحقل: سيدي النبي.. إن غنم هذا الرجل نزلت حقلي أثناءالليل، وأكلت كل عناقيد العنب التي كانت فيه.. وقد جئت إليك لتحكم ليبالتعويض..
قال داود لصاحب الغنم: هل صحيح أن غنمك أكلت حقل هذا الرجل؟
قال صاحب الغنم: نعم يا سيدي..
قال داود: لقد حكمت بأن تعطيه غنمك بدلا من الحقل الذي أكلته.
قال سليمان.. وكان الله قد علمه حكمة تضاف إلى ما ورث من والده: عندي حكم آخر يا أبي..
قال داود: قله يا سليمان..
قال سليمان: أحكم بأن يأخذ صاحب الغنم حقل هذا الرجل الذي أكلته الغنم..ويصلحه له ويزرعه حتى تنمو أشجار العنب، وأحكم لصاحب الحقل أن يأخذ الغنمليستفيد من صوفها ولبنها ويأكل منه، فإذا كبرت عناقيد الغنم وعاد الحقلسليما كما كان أخذ صاحب الحقل حقله وأعطى صاحب الغنم غنمه..
قال داود: هذا حكم عظيم يا سليمان.. الحمد لله الذي وهبك الحكمة.
يقول العلماء "ما أعقلها من نملة وما أفصحها". (يَا) نادت، (أَيُّهَا)نبّهت، (ادْخُلُوا) أمرت، (لَا يَحْطِمَنَّكُمْ) نهت، (سُلَيْمَانُ) خصّت،(وَجُنُودُهُ) عمّت، (وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ) اعتذرت. سمع سليمان كلامالنملة فتبسم ضاحكا من قولها.. ما الذي تتصوره هذه النملة! رغم كل عظمتهوجيشه فإنه رحيم بالنمل.. يسمع همسه وينظر دائما أمامه ولا يمكن أبدا أنيدوسه.. وكان سليمان يشكر الله أن منحه هذه النعمة.. نعمة الرحمة ونعمةالحنو والشفقة والرفق.
سليمان عليه السلام وبلقيس ملكة سبأ:
ولعل أشهر قصة عن سليمان –عليه السلام- هي قصته مع بلقيس ملكة سبأ.
جاء يوم.. وأصدر سليمان أمره لجيشه أن يستعد.. بعدها، خرج سليمان يتفقدالجيش، ويستعرضه ويفتش عليه.. فاكتشف غياب الهدهد وتخلفه عن الوقوف معالجيش، فغضب وقرر تعذيبه أو قتله، إلا إن كان لديه عذر قوي منعه من القدوم.
فجاء الهدهد ووقف على مسافة غير بعيدة عن سليمان –عليه السلام-(فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِوَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ) وانظروا كيف يخاطب هذا الهدهدأعظم ملك في الأرض، بلا إحساس بالذل أو المهانة، ليس كما يفعل ملوك اليوملا يتكلم معهم أحد إلا ويجب أن تكون علامات الذل ظاهرة عليه. فقال الهدهدأن أعلم منك بقضية معينة، فجئت بأخبار أكيدة من مدينة سبأ باليمن. (إِنِّيوَجَدتُّ امْرَأَةً) بلقيس (تَمْلِكُهُمْ) تحكمهم (وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّشَيْءٍ) أعطاها الله قوة وملكا عظيمين وسخّر لها أشياء كثيرة (وَلَهَاعَرْشٌ عَظِيمٌ) وكرسي الحكم ضخم جدا ومرصّع بالجواهر (وَجَدتُّهَاوَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ اللَّهِ) وهم يعبدون الشمس(وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ) أضلهم الشيطان(فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ (24) أَلَّايَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِوَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ) يسجدون للشمسويتركون الله سبحانه وتعالى (اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّالْعَرْشِ الْعَظِيمِ) وذكر العرش هنا لأنه ذكر عرش بلقيس من قبل، فحتى لايغترّ إنسان بعرشها ذكر عرش الله سبحانه وتعالى.
فتعجب سليمان من كلام الهدهد، فلم يكن شائعا أن تحكم المرأة البلاد، وتعجبمن أن قوما لديهم كل شيء ويسجدون للشمس، وتعجب من عرشها العظيم، فلم يصدقالهدهد ولم يكذبه إنما (قَالَ سَنَنظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنتَ مِنَالْكَاذِبِينَ) وهذا منتهى العدل والحكمة. ثم كتب كتابا وأعطاه للهدهدوقال له: (اذْهَب بِّكِتَابِي هَذَا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّعَنْهُمْ فَانظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ) ألق الكتاب عليهم وقف في مكان بعيديحث تستطيع سماع ردهم على الكتاب.
يختصر السياق القرآني في سورة النمل ما كان من أمر ذهاب الهدهد وتسليمهالرسالة، وينتقل مباشرة إلى الملكة، وسط مجلس المستشارين، وهي تقرأ علىرؤساء قومها ووزرائها رسالة سليمان..
إنه يأمر في خطابه أن يأتوه مسلمين.. هكذا مباشرة.. إنه يتجاوز أمرعبادتهم للشمس.. ولا يناقشهم في فساد عقيدتهم.. ولا يحاول إقناعهم بشيء..إنما يأمر فحسب.. أليس مؤيدا بقوة تسند الحق الذي يؤمن به..؟ لا عليه إذنأن يأمرهم بالتسليم..
كان هذا كله واضحا من لهجة الخطاب القصيرة المتعالية المهذبة في نفس الوقت..
طرحت الملكة على رؤساء قومها الرسالة.. وكانت عاقلة تشاورهم في جميعالأمور: (قَالَتْ يَا أَيُّهَا المَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنتُقَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ).
كان رد فعل الملأ وهم رؤساء قومها التحدي.. أثارت الرسالة بلهجتهاالمتعالية المهذبة غرور القوم، وإحساسهم بالقوة. أدركوا أن هناك منيتحداهم ويلوح لهم بالحرب والهزيمة ويطالبهم بقبول شروطه قبل وقوع الحربوالهزيمة (قَالُوا نَحْنُ أُوْلُوا قُوَّةٍ وَأُولُوا بَأْسٍ شَدِيدٍوَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ).
أراد رؤساء قومها أن يقولوا: نحن على استعداد للحرب.. ويبدو أن الملكةكانت أكثر حكمة من رؤساء قومها.. فإن رسالة سليمان أثارت تفكيرها أكثر ممااستنفرتها للحرب..
فكرت الملكة طويلا في رسالة سليمان.. كان اسمه مجهولا لديها، لم تسمع بهمن قبل، وبالتالي كانت تجهل كل شيء عن قوته، ربما يكون قويا إلى الحد الذييستطيع فيه غزو مملكتها وهزيمتها.
ونظرت الملكة حولها فرأت تقدم شعبها وثراءه، وخشيت على هذا الثراء والتقدممن الغزو.. ورجحت الحكمة في نفسها على التهور، وقررت أن تلجأ إلى اللين،وترسل إليه بهدية.. وقدرت في نفسها أنه ربما يكون طامعا قد سمع عن ثراءالمملكة، فحدثت نفسها بأن تهادنه وتشتري السلام منه بهدية.. قدرت في نفسهاأيضا إن إرسالها بهدية إليه، سيمكن رسلها الذين يحملون الهدية من دخولمملكته، وإذا سيكون رسلها عيونا في مملكته.. يرجعون بأخبار قومه وجيشه،وفي ضوء هذه المعلومات، سيكون تقدير موقفها الحقيقي منه ممكنا..
أخفت الملكة ما يدور في نفسها، وحدثت رؤساء قومها بأنها ترى استكشاف نياتالملك سليمان، عن طريق إرسال هدية إليه، انتصرت الملكة للرأي الذي يقضيبالانتظار والترقب.. وأقنعت رؤساء قومها بنبذ فكرة الحرب مؤقتا، لأنالملوك إذا دخلوا قرية انقلبت أوضاعها وصار رؤساءها هم أكثر من فيها تعرضاللهوان والذل..
واقتنع رؤساء قومها حين لوحت الملكة بما يتهددهم من أخطار..
وصلت هدية الملكة بلقيس إلى الملك النبي سليمان..
جاءت الأخبار لسليمان بوصول رسل بلقيس وهم يحملون الهدية.. وأدرك سليمانعلى الفور أن الملكة أرسلت رجالها ليعرفوا معلومات عن قوته لتقرر موقفهابشأنه.. ونادى سليمان في المملكة كلها أن يحتشد الجيش.. ودخل رسل بلقيسوسط غابة كثيفة مدججة بالسلاح.. فوجئ رسل بلقيس بأن كل غناهم وثرائهم يبدووسط بهاء مملكة سليمان.. وصغرت هديتهم في أعينهم.
وفوجئوا بأن في الجيش أسودا ونمورا وطيورا.. وأدركوا أنهم أمام جيش لا يقاوم..
ثم قدموا لسليمان هدية الملكة بلقيس على استحياء شديد. وقالوا له نحن نرفضالخضوع لك، لكننا لا نريد القتال، وهذه الهدية علامة صلح بيننا ونتمنى أنتقبلها. نظر سليمان إلى هدية الملكة وأشاح ببصره (فَلَمَّا جَاءسُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌمِّمَّا آتَاكُم بَلْ أَنتُم بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ) كشف الملكسليمان بكلماته القصيرة عن رفضه لهديتهم، وأفهمهم أنه لا يقبل شراء رضاهبالمال. يستطيعون شراء رضاه بشيء آخر (أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِيمُسْلِمِينَ) ثم هددهم (ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍلَّا قِبَلَ لَهُم بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُم مِّنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْصَاغِرُونَ).
وصل رسل بلقيس إلى سبأ.. وهناك هرعوا إلى الملكة وحدثوها أن بلادهم فيخطر.. حدثوها عن قوة سليمان واستحالة صد جيشه.. أفهموها أنها ينبغي أنتزوره وتترضاه.. وجهزت الملكة نفسها وبدأت رحلتها نحو مملكة سليمان..
جلس سليمان في مجلس الملك وسط رؤساء قومه ووزرائه وقادة جنده وعلمائه..كان يفكر في بلقيس.. يعرف أنها في الطريق إليه.. تسوقها الرهبة لاالرغبة.. ويدفعها الخوف لا الاقتناع.. ويقرر سليمان بينه وبين نفسه أنيبهرها بقوته، فيدفعها ذلك للدخول في الإسلام. فسأل من حوله، إن كانبإمكان احدهم ان يحضر له عرش بلقيس قبل أن تصل الملكة لسليمان.
فعرش الملكة بلقيس هو أعجب ما في مملكتها.. كان مصنوعا من الذهب والجواهرالكريمة، وكانت حجرة العرش وكرسي العرش آيتين في الصناعة والسبك.. وكانتالحراسة لا تغفل عن العرش لحظة..
فقال أحد الجن أنا أستطيع إحضار العرش قبل أن ينتهي المجلس –وكانعليه السلام يجلس من الفجر إلى الظهر- وأنا قادر على حمله وأمين علىجواهره.
لكن شخص آخر يطلق عليه القرآن الكريم "الذي عنده علم الكتاب" قال لسليمانأنا أستطيع إحضار العرش في الوقت الذي تستغرقه العين في الرمشة الواحدة.
واختلف العلماء في "الذي عنده علم الكتاب" فمنهم من قال أنه وزيره أو أحدعلماء بني إسرائيل وكان يعرف اسم الله الأعظم الذي إذا دعي به أجاب. ومنهممن قال أنه جبريل عليه السلام.
لكن السياق القرآني ترك الاسم وحقيقة الكتاب غارقين في غموض كثيف مقصود..نحن أمام سر معجزة كبرى وقعت من واحد كان يجلس في مجلس سليمان.. والأصل أنالله يظهر معجزاته فحسب، أما سر وقوع هذه المعجزات فلا يديره إلا الله..وهكذا يورد السياق القرآني القصة لإيضاح قدرة سليمان الخارقة، وهي قدرةيؤكدها وجود هذا العالم في مجلسه.
هذا هو العرش ماثل أمام سليمان.. تأمل تصرف سليمان بعد هذه المعجزة.. لميستخفه الفرح بقدرته، ولم يزهه الشعور بقوته، وإنما أرجع الفضل لمالكالملك.. وشكر الله الذي يمتحنه بهذه القدرة، ليرى أيشكر أم يكفر.
تأمل سليمان عرش الملكة طويلا ثم أمر بتغييره، أمر بإجراء بعض التعديلاتعليه، ليمتحن بلقيس حين تأتي، ويرى هل تهتدي إلى عرشها أم تكون من الذينلا يهتدون.
كما أمر سليمان ببناء قصر يستقبل فيه بلقيس. واختار مكانا رائعا على البحروأمر ببناء القصر بحيث يقع معظمه على مياه البحر، وأمر أن تصنع أرضيةالقصر من زجاج شديد الصلابة، وعظيم الشفافية في نفس الوقت، لكي يسيرالسائر في أرض القصر ويتأمل تحته الأسماك الملونة وهي تسبح، ويرى أعشابالبحر وهي تتحرك.
تم بناء القصر، ومن فرط نقاء الزجاج الذي صنعت منه أرض حجراته، لم يكنيبدو أن هناك زجاجا. تلاشت أرضية القصر في البحر وصارت ستارا زجاجيا خفيافوقه.
يتجاوز السياق القرآني استقبال سليمان لها إلى موقفين وقعا لها بتدبيره:الأول موقفها أمام عرشها الذي سبقها بالمجيء، وقد تركته وراءها وعليهالحراس. والثاني موقفها أمام أرضية القصر البلورية الشفافة التي تسبحتحتها الأسماك.
لما اصطحب سليمان عليه السلام بلقيس إلى العرش، نظرت إليه فرأته كعرشهاتماما.. وليس كعرشها تماما.. إذا كان عرشها فكيف سبقها في المجيء..؟ وإذالم يكن عرشها فكيف أمكن تقليده بهذه الدقة ..؟
قال سليمان وهو يراها تتأمل العرش: (أَهَكَذَا عَرْشُكِ؟)
قالت بلقيس بعد حيرة قصيرة: (كَأَنَّهُ هُوَ!)
قال سليمان: (وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِن قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ).
توحي عبارته الأخيرة إلى الملكة بلقيس أن تقارن بين عقيدتها وعلمها،وعقيدة سليمان المسلمة وحكمته. إن عبادتها للشمس، ومبلغ العلم الذي همعليه، يصابان بالخسوف الكلي أمام علم سليمان وإسلامه.
لقد سبقها سليمان إلى العلم بالإسلام، بعدها سار من السهل عليه أن يسبقها في العلوم الأخرى، هذا ما توحي به كلمة سليمان لبلقيس..
أدركت بلقيس أن هذا هو عرشها، لقد سبقها إلى المجيء، وأنكرت فيه أجزاء وهيلم تزل تقطع الطريق لسليمان.. أي قدرة يملكها هذا النبي الملك سليمان؟!
انبهرت بلقيس بما شاهدته من إيمان سليمان وصلاته لله، مثلما انبهرت بمارأته من تقدمه في الصناعات والفنون والعلوم.. وأدهشها أكثر هذا الاتصالالعميق بين إسلام سليمان وعلمه وحكمته.
انتهى الأمر واهتزت داخل عقلها آلاف الأشياء.. رأت عقيدة قومها تتهاوى هناأمام سليمان، وأدركت أن الشمس التي يعبدها قومها ليست غير مخلوق خلقه اللهتعالى وسخره لعباده، وانكسفت الشمس للمرة الأولى في قلبها، أضاء القلب نورجديد لا يغرب مثلما تغرب الشمس.
ثم قيل لبلقيس ادخلي القصر.. فلما نظرت لم تر الزجاج، ورأت المياه، وحسبتأنها ستخوض البحر، (وَكَشَفَتْ عَن سَاقَيْهَا) حتى لا يبتل رداؤها.
نبهها سليمان -دون أن ينظر- ألا تخاف على ثيابها من البلل. ليست هناكمياه. (إِنَّهُ صَرْحٌ مُّمَرَّدٌ مِّن قَوَارِيرَ).. إنه زجاج ناعم لايظهر من فرط نعومته..
أدركت أنها تواجه أعظم ملوك الأرض، وأحد أنبياء الله الكرام.
يسكت السياق القرآني عن قصة بلقيس بعد إسلامها.. ويقول المفسرون أنهاتزوجت سليمان بعد ذلك.. ويقال أنها تزوجت أحد رجاله.. أحبته وتزوجته، وثبتأن بعض ملوك الحبشة من نسل هذا الزواج.. ونحن لا ندري حقيقة هذا كله.. لقدسكت القرآن الكريم عن ذكر هذه التفاصيل التي لا تخدم قصه سليمان.. ولا نرىنحن داعيا للخوض فيما لا يعرف أحد..
هيكل سليمان:
من الأعمال التي قام بها سليمان –عليه السلام- إعادة بناء المسجدالأقصى الذي بناه يعقوب من قبل. وبنى بجانب المسجد الأقصى هيكلا عظيما كانمقدسا عند اليهود –ولا زالوا يبحثون عنه إلى اليوم. وقد ورد فيالهدي النبوي الكريم أن سليمان لما بنى بيت المقدس سأل ربه عز وجل ثلاثا،فأعطاه الله اثنتين ونحن نرجو أن تكون لنا الثالثة: سأله حكما يصادف حكمه–أي أحكاما عادلة كأحكام الله تعالى- فأعطاه إياه، وسأله ملكا لاينبغي لأحد من بعده فأعطاه إياه، وسأله أيما رجل خرج من بيته لا يريد إلاالصلاة في هذا المسجد خرج من خطيئته مثل يوم ولدته أمه، وأسأل الله أنتكون لنا.
وقد تفننت التوراة في وصف الهيكل.. وهذا بعض ما ورد في التوراة عنه:
كان هيكل سليمان في أورشليم هو مركز العبادة اليهودية، ورمز تاريخ اليهود،وموضع فخارهم وزهوهم.. وقد شيده الملك سليمان وأنفق ببذخ عظيم على بنائهوزخرفته.. حتى لقد احتاج في ذلك إلى أكثر من 180 ألف عامل (سفر الملوكالأول).. وقد أتى له سليمان بالذهب من ترشيش، وبالخشب من لبنان، وبالأحجارالكريمة من اليمن، ثم بعد سبع سنوات من العمل المتواصل تكامل بناء الهيكل،فكان آية من آيات الدنيا في ذلك الزمان.
وامتدت يد الخراب إلى الهيكل مرات عديدة، إذ كان هدفا دائما للغزاةوالطامعين ينهبون ما به من كنوز، ثم يشيعون فيه الدمار، (سفر الملوكالثاني).. ثم قام أحد الملوك بتجديد بنائه تحببا في اليهود.. فاستغرق بناءالهيكل هذه المرة 46 سنة، أصبح بعدها صرحا ضخما تحيط به ثلاثة أسوارهائلة.. وكان مكونا من ساحتين كبيرتين: إحداهما خارجية والأخرى داخلية،وكانت تحيط بالساحة الداخلية أروقة شامخة تقوم على أعمدة مزدوجة منالرخام، وتغطيها سقوف من خشب الأرز الثمين. وكانت الأروقة القائمة فيالجهة الجنوبية من الهيكل ترتكز على 162 عمودا، كل منها من الضخامة بحيثلا يمكن لأقل من ثلاثة رجال متشابكي الأذرع أن يحيطوا بدائرته.. وكانللساحة الخارجية من الهيكل تسع بوابات ضخمة مغطاة بالذهب.. وبوابة عاشرةمصبوبة كلها على الرغم من حجمها الهائل من نحاس كونثوس. وقد تدلت فوق تلكالبوابات كلها زخارف على شكل عناقيد العنب الكبيرة المصنوعة من الذهبالخالص، وقد استمرت هدايا الملوك للهيكل حتى آخر زمانه (سفر الملوكالأول)، فكان يزخر بالكنوز التي لا تقدر بثمن..
وفاته عليه السلام:
عاش سليمان وسط مجد دانت له فيه الأرض.. ثم قدر الله تعالى عليه الموتفمات.. ومثلما كانت حياة سليمان قمة في المجد الذي يمتلئ بالعجائبوالخوارق.. كان موته آية من آيات الله تمتلئ بالعجائب والخوارق.. وهكذاجاء موته منسجما مع حياته، متسقا مع مجده، جاء نهاية فريدة لحياة فريدةوحافلة.
لقد قدر الله تعالى أن يكون موت سليمان عليه الصلاة والسلام بشكل ينسففكرة معرفة الجن للغيب.. تلك الفكرة التي فتن الناس بها فاستقرت في أذهانبعض البشر والجن..
كان الجن يعملون لسليمان طالما هو حي.. فلما مات انكسر تسخيرهم له، وأعفوا من تبعة العمل معه..
وقد مات سليمان دون أن يعلم الجن، فظلوا يعملون له، وظلوا مسخرين لخدمته، ولو أنهم كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين.
كان سليمان متكئا على عصاه يراقب الجن وهم يعملون. فمات وهو على وضعهمتكئا على العصا.. ورآه الجن فظنوا أنه يصلي واستمروا في عملهم. ومرت أيامطويلة.. ثم جاءت دابة الأرض، وهي نملة تأكل الخشب.. وبدأت تأكل عصاسليمان.. كانت جائعة فأكلت جزء من العصا.. استمرت النملة تأكل العصاأياما.. كانت تأكل الجزء الملامس للأرض، فلما ازداد ما أكلته منها اختلتالعصا وسقطت من يد سليمان.. اختل بعدها توازن الجسد العظيم فهوى إلىالأرض.. ارتطم الجسد العظيم بالأرض فهرع الناس إليه..
أدركوا أنه مات من زمن.. تبين الجن أنهم لا يعلمون الغيب.. وعرف الناس هذهالحقيقة أيضا.. لو كان الجن يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين، مالبثوا يعملون وهم يظنون أن سليمان حي، بينما هو ميت منذ فترة..
بهذه النهاية العجيبة ختم الله حياة هذا النبي الملك.
الرحال
عاقل ذهبي حبيب المنتدى
كيف تعرفت علي الموقع : صديقالمزاج : عدد المساهمات : 5570المهنة : نقاط : 12448السمعة : 70تاريخ التسجيل : 03/02/2010العمر : 103 المواضيع المميزة للعضو :
موضوع: رد: قصة سيدنا سليمان عليه السلام (كاملة). الجمعة سبتمبر 17, 2010 7:54 pm
عنجد موضوع رائع جدا خاصة النهاية
يعطيكي الف عافية
تسلم الايادي
شكرا لك
ننتظر جديدك
عاشقة الجنون عاقل مميز
كيف تعرفت علي الموقع : قوقلالمزاج : عدد المساهمات : 406المهنة : نقاط : 6125السمعة : 18تاريخ التسجيل : 04/03/2010العمر : 37
موضوع: رد: قصة سيدنا سليمان عليه السلام (كاملة). السبت سبتمبر 18, 2010 10:16 am
جزاكي الله الجنة تسلمي يا ملوكة موضوع مهم وقصة رائعة
ملكة الاحاسيس عاقل برونزي
كيف تعرفت علي الموقع : من خلال صديقالمزاج : عدد المساهمات : 861المهنة : نقاط : 6734السمعة : 48تاريخ التسجيل : 03/10/2009العمر : 30 المواضيع المميزة للعضو :
مكتبة أفلام الساموراي
موضوع: رد: قصة سيدنا سليمان عليه السلام (كاملة). السبت سبتمبر 18, 2010 4:16 pm
شكرااا لمروركم فقد اسعدتنى ردودكم الحلوة انا بتشكركم جميييييييييييعااا